fbpx
دكتور بدر حسون .. رجل عصامي شق طريقه نحو القمة بفضل إيمانه وصلابة إرادته
بدر حسون

محسن السقال عن بدر حسون

العصاميون هم بشر ولكنهم يحملون صفات وسمات قل نظيرها وما يميزهم عن سائر الاشخاص، ايمانهم بالله اولا والذات ثانيا، اضافة الى ثقتهم بانفسهم والرؤية الصائبة لديهم والقدرة العالية على الابداع والمبادرة والتفاؤل وعدم اليأس

هذه صفات انسان عصامي تعرفت اليه في بداية التسعينات في احياء طرابلس الداخلية، وهو شخص عفوي متواضع لا يتصرف الا على طبيعته، كريم الاخلاق، شق طريقه في دولة لا تساهم بدعم ابنائها وصناعتهم، حيث حفر الصخر باظافره، وسلك دروبا محفوفة بالصعوبات، وتحمل في بداية عمله ما لا يتحمله اي انسان، ولكنه وصل الى القمة بفضل ارادته الصلبة، وحقق احلامه وطموحاته بالتعب والجهد البدني، وعمل ليل نهار دون كلل او ملل، متسلحا بعقله وارادته ومهارته لتسويق منتوجاته، حتى اثمرت جهوده، وبات اسمه على كل شفة ولسان، واكتسحت منتوجاته اقاصي العالم شرقا وغربا.

بدا عمله من الصفر ومن تحت الصفر اذا صح التعبير، لم يرث المال من الاباء والاجداد، ولم يعتمد على الشهادات العليا، بل اكتسب المعرفة والتجارة الحرة والناجحة باسلوبه الراقي والمتواضع واجتهاده، فطور نفسه بنفسه، واثبت ان النجاح يصنعه انسان مؤمن، انسان لم يتقبل الفشل ووضع النجاح نصب عينيه، وتمكن من التصدي لخفافيش الليل ومحاربتهم والفوز عليهم بالضربة القاضية التي يفوح منها عطر الليل وروائح الفل والياسمين والزعتر والغار .

لقد عانى هذا الانسان في بداية عمله الامرين واعترضته مشاكل جمة منها شخصية ومنها لوجستية ومادية، وتمت محاربته من جهات عدة تحت عناوين مختلفة ابرزها، الغيرة والحسد لا المنافسة الشريفة، لكنه استمر بقوة وصلابة متكلا على الله وعلى نفسه، واجتاز كل العقبات حتى تربع على عرش القمة، واثبت انه من الرجال النادرين والمميزين الذين صنعوا المعجزات بالارادة والاصرار والتفوق، واسس امبرطورية تحاكي الجمال وتبتكر يدويا صابونا فاخرا وكريمات وروائح تلبي اذواق جميع اصناف البشر.

اني اتحدث عن شخص عرفته منذ بداية التسعينات في الاسواق القديمة في طرابلس، يوم كنت اعد تقريرا لمحطة ام تي في عن صناعة الصابون التراثي، فحين وصلت الى المدخل الرئيسي لخان الصابون شاهدت ذاك الرجل جالسا على كرسي من القش وامامه طاولة خشب مليئة بالصابون المزين بالوان عدة، فاستقبلني بوجه بشوش وكلمات عفوية تعبر عن اصالته الجبلية.
نعم انه بدر حسون ابن بلدة السفيرة الواقعة في اقاصي الضنية، اني اتكلم عن الدكتور بدر ، الرجل الذي يتمتع بعفوية مميزة وطيبة نادرة وكرم بالاخلاق وطموح كبير، اضافة الى انه يحمل قلبا كبيرا بمواصفات قلب طفل.
ومنذ تلك الفترة وانا اتابع هذا الشخص بصفتي المهنية، حتى وصل الى ما وصل اليه من نجاحات قل نظيرها.
انطلق الدكتور حسون في صناعة الصابون منذ مطلع الثمانينات من اسواق طرابلس القديمة، وبالتحديد من خان الصابون الاثري، وعمل على صناعة هذه السلعة بطريقة يدوية تراثية بداية، مبتعداً عن المواد الكيميائية، ومركزاً على المواد العضوية والطبيعية، من وزيوت وعطور ونباتات مختلفة…
ولتحقيق طموحاته التي يرسمها في مخيلته، انتقل حسون من طرابلس الى منطقة ضهر العين في الكورة وهي منطقة قريبة جدا من المدينة ، حيث شيد قرية بيئية تحتوي على مصنع متطورا للتقطير، والتحويل، والتركيب، وبالتوازي جهز مختبرات باحدث التقنيات لتتماشى مع متطلبات الصناعة الحديثة والمحافظة بالوقت نفسه على التراث، ومن ثم شيد منازل له ولاولاده لكي يبقوا جميعا حراس المهنة وجنودها.

وخصص في تلك القرية مساحات كبيرة لزراعة الاعشاب والزهور والنباتات على انواعها، ونظم فيها نشاطات لا تعد ولا تحصى، واستقبل خلالها الرؤساء والوزراء والنواب والسفراء والدبلوماسيين والفنانين والمثقفين ورجال الدين وقادة الاجهزة الامنية والعسكرية وطلاب الجامعات والمدارس والسواح العرب والأجانب، حتى اصبح حديث الناس.

وقد انجب شيخ المهنة التراثية عائلة كبيرة متعاضدة مؤلفة من ثلاثة شباب وستة بنات وهم احمد، امير، اسامة، ايمان، اماني، امل، الاء، اية، واليسار، وعلمهم جميعا حب الغير والعطاء والحنان، فضلا عن الكرم والكرامة والاتحاد مع بعضهم، ومواجهة الحياة بقوة وعزيمة وتفان، ودربهم على حب الله والوطن، ولقد ساهموا معه في تحسين وتطوير منتجات القرية بقيادته الحكيمة، فكان المايسترو في سلوك طريق النجاح.

قرية بدر حسون البيئية هي عالم واسع يصعب التحدث عنها وعن روايتها بكلمات وسطور وصفحات، فهي افاق واسعة اتت من مخيلة نادرة، مزجها وعجنها ذلك المايسترو بالابداعات والابتكارات حتى وصل الى صناعة الصابون بماء الذهب.

Leave a Comment

0

TOP

X
×

Hello!

Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us an email to info.khanalsaboun@gmail.com

×